بسم الله الرحمن الرحيم
{ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ }
الذي يتأمل أحوال الناس في هذا الزمن يرى تطابق الآية تماماً مع واقع كثير منهم .. وذلك من خلال ما يُرى من كثرة
إعراضهم عن منهج الله وغفلتهم عن الآخرة وعن ما خلقوا من أجله.... وكأنهم لم يخلقوا للعبادة، وإنما خلقوا للدنيا
وشهواتها، فإنهم إن فكروا فللدنيا وإن أحبوا فللدنيا، وإن عملوا فللدنيا، فيها يتخاصمون ومن أجلها يتقاتلون وبسببها
يتهاونون أو يتركون كثيرأ من أوامر ربهم ....
كل شيء في حياتهم له وقت إلا القرآن وأوامر الدين .. تجد الواحد منهم ما أعقله وأذكاه في أمور دنياه ...لكن هذا العاقل
المسكين لم يستفد من عقله فيما ينفعه في أُخراه، ولم يقده عقله إلى أبسط أمر وهو طريق الهداية والاستقامة على دين
الله الذي فيه سعادته في الدنيا والآخرة، وهذا هو والله غاية الحرمان ..... يقول الله سبحانه وتعالي في كتابه الكريم :
{ يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ }
من يرى أحوالهم وما هم عليه من شدة جرأتهم على ارتكاب المعاصي وتهاونهم بها يقول: إن هؤلاء إما أنهم لم يصدقوا
بالنار، أو أن النار قد خلقت لغيرهم، نسواالحساب والعقاب وتعاموا عن ما أمامهم من أهوال وصعاب والله تعالي يقول :
{ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ }
انشغلوا براحة أبدانهم وسعادتها في الدنيا الفانية وأهملوا سعادتها وراحتها في الأخرى الباقية.
يا مـتعب الجسم كـم تـسعى لراحتـه .... أتعبت جسمك فيما فيه خسران
أقبل على الروح واستكمل فضائلها .... فأنت بالروح لا بالجسم إنـسان
ما أحرصهم على أموالهم وما أحرصهم على وظائفهم ، وصحتهم، لكن أمور دينهم والتفقه فيها وتطبيقها والتقيد
بها فهي آخر ما يفكرون فيه .. أوقاتهم ضائعة بلا فائدة، بل إن أغلبها قد تضيع في المحرمات وإضاعة الواجبات
يبحثون بزعمهم عن الراحة والسعادة ... وهم بعملهم هذا لن يجدوا إلا الشقاء والتعاسة .. ويقول المولي :
{ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِيف َإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى }
ولقد مات عند الكثير من هؤلاء الشعور بالذنب، ومات عندهم الشعور بالتقصير .... حتى ظن الكثير منهم أنه على
خير عظيم .... بل ربما لم يرد على خاطره أنه مقصر في أمور دينه ... فبمجرد قيامه بأصول الدين ومحافظته على
الصلوات ظن في نفسه خيرأ عظيماً، وأنه بذلك قد حاز الإسلام كله وأن الجنة تنتظره في نهاية المطاف، ونسي هذا
المسكين مئات بل آلاف الذنوب والمعاصي التي يرتكبها صباحاً ومساءً من غيبة أو بهتان أو نظرة إلى الحرام
أو شرب لحرام أو غير ذلك من المعاصي والمخالفات التي يستهين بها ولا يلقي لها بالاً ويظن أنها لا تضره شيئاً
وهي التي قد تكون سبباً لهلاكه وخسارته في الدنيا والآخرة وهو لا يشعر .. ويقوله صلي الله عليه وسلم :
{ إياكم ومحقرات الذنوب فإنها إذا اجتمعت على العبد أهلكته }
ناهيك عن ما يرتكبه البعض من كبائر وموبقات من ربا وزنا ولواط ورشوة وعقوق ونحو ذلك.. وإن المرء ليعجب
والله أشد العجب!!! آلم يمل أولئك هذه الحياة ؟ ... آلم يسألوا أنفسهم؟ ثم ماذا في النهاية؟ ماذا بعد كل هذه الشهوات
والملذات؟ ماذابعد هذا اللهو والعبث؟ ماذا بعد هذه الحياة التافهة المملوءة بالمعاصي والمخالفات؟
هل غفل أولئك عما وراء ذلك..
هل غفلوا عن الموت والحساب والقبر والصراط ، والنار والعذاب، أهوال وأهوال وأمور تشيب منها مفارق الولدان
ذهبت اللذات وبقيت التبعات، وانقضت الشهوات وأورثت الحسرات .... متاع قليل ثم عذاب أليم وصراخ وعويل في
دركات الجحيم، فهل من عاقل يعتبر ويتدبر ويعمل لما خلق له ويستعد لما أمامه.
إن مثل هؤلاء المساكين الغافلين السائرين في غيّهم قد أغلقت الحضارات الحديثة أعينهم وألهتهم الحياة الدنيا عن
حقائقهم ومآلهم، ولكنهم سوف يندمون أشد الندم إذا استمروا في غيهم ولهوهم وعنادهم ولم يفيقوا من غفلتهم
وسباتهم ويتوبوا إلى ربهم. يقول الله تعالى عن مثل هؤلاء :
{ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}
يا من تقرأ هذه الرسالة قف قليلأ مع هذه الأسطر وراجع نفسك وحاسبها وانظر كيف أنت في هذه الحياة ... هل أنت
من أولئك اللاهين الغافلين أم لا ؟
وهل أنت تسير في الطريق الصحيح الموصل إلى رضوان الله وجنته، أم أنك تسير
وفق رغباتك وشهواتك حتى ولو كان في ذلك شقاؤك وهلاكك، انظر في أي الطريقين تسير فإن المسألة والله خطيرة
وإن الأمر جد وليس بهزل، ولا أظن أن عندك شيء أغلى من نفسك فاحرص على نجاتها من النار ومن غضب الجبار
إن المسلم الحق وقته كله عبادة ..... والدين عنده ليس شعائر تعبدية فحسب يؤديها ثم يعيش بعد ذلك فيما بين الشعيرة
والشعيرة بلا دين ولا عبادة !! فيأكل الحرام ويشرب الحرام ويسمع الحرام ويشاهد الحرام ويعمل الحرام ويتكلم بالحرام!!
إن من يفعل ذلك لم يفهم حقيقة الإسلام الذي يحمله وينتمي إليه.
فيا من تعصي الله إلى متى هذه الغفلة ؟ إلى متى هذا الإعراض عن الله؟ ألم يأن لك أن تصحو من غفلتك؟ ألم يأن لهذا
القلب القاسي أن يلين ويخشع لرب العالمين ... يقول المولي جل وعلا :
{ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَانَزَلَ مِنَ الْحَقِّ }
أعلنها توبةً صادقةً وكن شجاعاً، وكن حقاً عبداً لله تعالى، وهل يكون الإنسان عبداً حقيقياً لله وهو متمرد على مولاه
أينما يوجهه لايأتِ بخير.. ألم يأن لك أن تسير في قافلة التائبين؟ هل أنت أقل منهم؟ حاشاك ذلك؟ ألا تريد ما يريدون؟
هل هم في حاجة إلى ما عند الله من الثواب وأنت في غنى عنه؟ هل هم يخافون الله وأنت قوي لا تخافه؟ ألا تريد الجنة ؟
تخيّل النظر إلى وجه ربك الكريم في الجنة وتخيّل أنك تصافح نبيك محمداً صلى الله عليه وسلّم وتقبله وتجالس الأنبياء
والصحابة في الجنة ... قال تعالى:
{ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ الشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً }
وتخيّل نفسك وأنت في النعيم المقيم في جنات عدن بين أنهار من ماء وأنهار من لبن وأنهار من خمر وأنهار من عسل
مصفى وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون، ولك فيها ما تشتهيه نفسك وتلذ عينك، تخيّل كل هذا النعيم في جنة عرضها
السماوات والأرض، وتخيّل في مقابل ذلك النار وزقومها وصديدها وحرها الشديد وقعرها البعيد، وعذاب أهلها الدائم
الذي لا ينقطع قال تعالى:
{ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ }
تخيّل كل ذلك لعله أن يكون عوناً لك على التوبة والإنابة والرجوع إلى الله، ووالله إنك لن تندم على التوبة أبداً، بل إنك
سوف تسعد بإذن الله في الدنيا والآخرة سعادة حقيقية .. فجرّب يا أخي هذا الطريق من اليوم ولا تتردد، ألست تقرأ في
صلاتك كل يوم { اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ} فما دمت تريدالصراط المستقيم فلماذا لا تسلكه وتسير فيه!!
إياك إياك أن تغتر بهذه الدنيا وتركن إليها وتكون هي همك وغايتك، فإنك مهما عشتفيها ومهما تنعمت بها فإنك راحل
عنها لا محالة، فيا أسفاً لك إذا جاءك الموت ولم تتب ويا حسرةً لك إذا دعيت إلى التوبة ولم تجب، فكن أخي عاقلأ فطناً
واعمل لما أنت مقدم عليه فإن أمامك الموت بسكراته، والقبر بظلماته، والحشر بشدائده وأهواله
ووالله إنه لا يليق بعاقل أبداً أن يلهو ويلعب في هذه الدنيا ويعصي الله وأمامه مثل تلك الأهوال العظيمة، ووالله إنها لأكبر
فرصة أن أمهلك الله وأبقاك حياً إلى الآن وأعطاك فرصة للتوبة والإنابة والرجوع إليه فاحمد الله على ذلك ولا تضيع هذه
الفرصة وتب إلى الله ما دمت في زمن المهلة قبل النقلة، وتذكر أولئك الذين خرجوا من الدنيا ووالله لتخرجن أنت منها
كما خرجوا، لكنك أنت الآن في دار العمل وتستطيع التوبة ، وأما هم فحال الكثيرين منهم يتمنى الرجوع والتوبة ولسان
حالهم يقول كما في قوله تعالى:
{ يَاحَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُون }َ
..... للعظة والعبرة والتذكير بأننا سنقف جميعآ بين يدي الله وسنسأل
عن أعمالنا كلها صغيرها وكبيرها ...... فهل أعددنا لهذا السؤال جوابأ ؟؟؟
{ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ، عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ }
ايقظنا الله واياكم من غفلتنا ولننظر في صحائف أيامنا وماذا ادخرنا فيها لآخرتنا
ويقول الله سبحانه وتعالي :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّاقَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }
{ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ }
الذي يتأمل أحوال الناس في هذا الزمن يرى تطابق الآية تماماً مع واقع كثير منهم .. وذلك من خلال ما يُرى من كثرة
إعراضهم عن منهج الله وغفلتهم عن الآخرة وعن ما خلقوا من أجله.... وكأنهم لم يخلقوا للعبادة، وإنما خلقوا للدنيا
وشهواتها، فإنهم إن فكروا فللدنيا وإن أحبوا فللدنيا، وإن عملوا فللدنيا، فيها يتخاصمون ومن أجلها يتقاتلون وبسببها
يتهاونون أو يتركون كثيرأ من أوامر ربهم ....
كل شيء في حياتهم له وقت إلا القرآن وأوامر الدين .. تجد الواحد منهم ما أعقله وأذكاه في أمور دنياه ...لكن هذا العاقل
المسكين لم يستفد من عقله فيما ينفعه في أُخراه، ولم يقده عقله إلى أبسط أمر وهو طريق الهداية والاستقامة على دين
الله الذي فيه سعادته في الدنيا والآخرة، وهذا هو والله غاية الحرمان ..... يقول الله سبحانه وتعالي في كتابه الكريم :
{ يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ }
من يرى أحوالهم وما هم عليه من شدة جرأتهم على ارتكاب المعاصي وتهاونهم بها يقول: إن هؤلاء إما أنهم لم يصدقوا
بالنار، أو أن النار قد خلقت لغيرهم، نسواالحساب والعقاب وتعاموا عن ما أمامهم من أهوال وصعاب والله تعالي يقول :
{ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ }
انشغلوا براحة أبدانهم وسعادتها في الدنيا الفانية وأهملوا سعادتها وراحتها في الأخرى الباقية.
يا مـتعب الجسم كـم تـسعى لراحتـه .... أتعبت جسمك فيما فيه خسران
أقبل على الروح واستكمل فضائلها .... فأنت بالروح لا بالجسم إنـسان
ما أحرصهم على أموالهم وما أحرصهم على وظائفهم ، وصحتهم، لكن أمور دينهم والتفقه فيها وتطبيقها والتقيد
بها فهي آخر ما يفكرون فيه .. أوقاتهم ضائعة بلا فائدة، بل إن أغلبها قد تضيع في المحرمات وإضاعة الواجبات
يبحثون بزعمهم عن الراحة والسعادة ... وهم بعملهم هذا لن يجدوا إلا الشقاء والتعاسة .. ويقول المولي :
{ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِيف َإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى }
ولقد مات عند الكثير من هؤلاء الشعور بالذنب، ومات عندهم الشعور بالتقصير .... حتى ظن الكثير منهم أنه على
خير عظيم .... بل ربما لم يرد على خاطره أنه مقصر في أمور دينه ... فبمجرد قيامه بأصول الدين ومحافظته على
الصلوات ظن في نفسه خيرأ عظيماً، وأنه بذلك قد حاز الإسلام كله وأن الجنة تنتظره في نهاية المطاف، ونسي هذا
المسكين مئات بل آلاف الذنوب والمعاصي التي يرتكبها صباحاً ومساءً من غيبة أو بهتان أو نظرة إلى الحرام
أو شرب لحرام أو غير ذلك من المعاصي والمخالفات التي يستهين بها ولا يلقي لها بالاً ويظن أنها لا تضره شيئاً
وهي التي قد تكون سبباً لهلاكه وخسارته في الدنيا والآخرة وهو لا يشعر .. ويقوله صلي الله عليه وسلم :
{ إياكم ومحقرات الذنوب فإنها إذا اجتمعت على العبد أهلكته }
ناهيك عن ما يرتكبه البعض من كبائر وموبقات من ربا وزنا ولواط ورشوة وعقوق ونحو ذلك.. وإن المرء ليعجب
والله أشد العجب!!! آلم يمل أولئك هذه الحياة ؟ ... آلم يسألوا أنفسهم؟ ثم ماذا في النهاية؟ ماذا بعد كل هذه الشهوات
والملذات؟ ماذابعد هذا اللهو والعبث؟ ماذا بعد هذه الحياة التافهة المملوءة بالمعاصي والمخالفات؟
هل غفل أولئك عما وراء ذلك..
هل غفلوا عن الموت والحساب والقبر والصراط ، والنار والعذاب، أهوال وأهوال وأمور تشيب منها مفارق الولدان
ذهبت اللذات وبقيت التبعات، وانقضت الشهوات وأورثت الحسرات .... متاع قليل ثم عذاب أليم وصراخ وعويل في
دركات الجحيم، فهل من عاقل يعتبر ويتدبر ويعمل لما خلق له ويستعد لما أمامه.
إن مثل هؤلاء المساكين الغافلين السائرين في غيّهم قد أغلقت الحضارات الحديثة أعينهم وألهتهم الحياة الدنيا عن
حقائقهم ومآلهم، ولكنهم سوف يندمون أشد الندم إذا استمروا في غيهم ولهوهم وعنادهم ولم يفيقوا من غفلتهم
وسباتهم ويتوبوا إلى ربهم. يقول الله تعالى عن مثل هؤلاء :
{ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}
يا من تقرأ هذه الرسالة قف قليلأ مع هذه الأسطر وراجع نفسك وحاسبها وانظر كيف أنت في هذه الحياة ... هل أنت
من أولئك اللاهين الغافلين أم لا ؟
وهل أنت تسير في الطريق الصحيح الموصل إلى رضوان الله وجنته، أم أنك تسير
وفق رغباتك وشهواتك حتى ولو كان في ذلك شقاؤك وهلاكك، انظر في أي الطريقين تسير فإن المسألة والله خطيرة
وإن الأمر جد وليس بهزل، ولا أظن أن عندك شيء أغلى من نفسك فاحرص على نجاتها من النار ومن غضب الجبار
إن المسلم الحق وقته كله عبادة ..... والدين عنده ليس شعائر تعبدية فحسب يؤديها ثم يعيش بعد ذلك فيما بين الشعيرة
والشعيرة بلا دين ولا عبادة !! فيأكل الحرام ويشرب الحرام ويسمع الحرام ويشاهد الحرام ويعمل الحرام ويتكلم بالحرام!!
إن من يفعل ذلك لم يفهم حقيقة الإسلام الذي يحمله وينتمي إليه.
فيا من تعصي الله إلى متى هذه الغفلة ؟ إلى متى هذا الإعراض عن الله؟ ألم يأن لك أن تصحو من غفلتك؟ ألم يأن لهذا
القلب القاسي أن يلين ويخشع لرب العالمين ... يقول المولي جل وعلا :
{ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَانَزَلَ مِنَ الْحَقِّ }
أعلنها توبةً صادقةً وكن شجاعاً، وكن حقاً عبداً لله تعالى، وهل يكون الإنسان عبداً حقيقياً لله وهو متمرد على مولاه
أينما يوجهه لايأتِ بخير.. ألم يأن لك أن تسير في قافلة التائبين؟ هل أنت أقل منهم؟ حاشاك ذلك؟ ألا تريد ما يريدون؟
هل هم في حاجة إلى ما عند الله من الثواب وأنت في غنى عنه؟ هل هم يخافون الله وأنت قوي لا تخافه؟ ألا تريد الجنة ؟
تخيّل النظر إلى وجه ربك الكريم في الجنة وتخيّل أنك تصافح نبيك محمداً صلى الله عليه وسلّم وتقبله وتجالس الأنبياء
والصحابة في الجنة ... قال تعالى:
{ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ الشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً }
وتخيّل نفسك وأنت في النعيم المقيم في جنات عدن بين أنهار من ماء وأنهار من لبن وأنهار من خمر وأنهار من عسل
مصفى وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون، ولك فيها ما تشتهيه نفسك وتلذ عينك، تخيّل كل هذا النعيم في جنة عرضها
السماوات والأرض، وتخيّل في مقابل ذلك النار وزقومها وصديدها وحرها الشديد وقعرها البعيد، وعذاب أهلها الدائم
الذي لا ينقطع قال تعالى:
{ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ }
تخيّل كل ذلك لعله أن يكون عوناً لك على التوبة والإنابة والرجوع إلى الله، ووالله إنك لن تندم على التوبة أبداً، بل إنك
سوف تسعد بإذن الله في الدنيا والآخرة سعادة حقيقية .. فجرّب يا أخي هذا الطريق من اليوم ولا تتردد، ألست تقرأ في
صلاتك كل يوم { اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ} فما دمت تريدالصراط المستقيم فلماذا لا تسلكه وتسير فيه!!
إياك إياك أن تغتر بهذه الدنيا وتركن إليها وتكون هي همك وغايتك، فإنك مهما عشتفيها ومهما تنعمت بها فإنك راحل
عنها لا محالة، فيا أسفاً لك إذا جاءك الموت ولم تتب ويا حسرةً لك إذا دعيت إلى التوبة ولم تجب، فكن أخي عاقلأ فطناً
واعمل لما أنت مقدم عليه فإن أمامك الموت بسكراته، والقبر بظلماته، والحشر بشدائده وأهواله
ووالله إنه لا يليق بعاقل أبداً أن يلهو ويلعب في هذه الدنيا ويعصي الله وأمامه مثل تلك الأهوال العظيمة، ووالله إنها لأكبر
فرصة أن أمهلك الله وأبقاك حياً إلى الآن وأعطاك فرصة للتوبة والإنابة والرجوع إليه فاحمد الله على ذلك ولا تضيع هذه
الفرصة وتب إلى الله ما دمت في زمن المهلة قبل النقلة، وتذكر أولئك الذين خرجوا من الدنيا ووالله لتخرجن أنت منها
كما خرجوا، لكنك أنت الآن في دار العمل وتستطيع التوبة ، وأما هم فحال الكثيرين منهم يتمنى الرجوع والتوبة ولسان
حالهم يقول كما في قوله تعالى:
{ يَاحَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُون }َ
..... للعظة والعبرة والتذكير بأننا سنقف جميعآ بين يدي الله وسنسأل
عن أعمالنا كلها صغيرها وكبيرها ...... فهل أعددنا لهذا السؤال جوابأ ؟؟؟
{ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ، عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ }
ايقظنا الله واياكم من غفلتنا ولننظر في صحائف أيامنا وماذا ادخرنا فيها لآخرتنا
ويقول الله سبحانه وتعالي :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّاقَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }